في أجواء صيفية شديدة الحرارة، دخل الشاب الأمريكي “كاليب برادهام” صيدليته؛ لمزج عدة تركيبات للحصول على مادة تساعد على الهضم؛ فقادته التجربة إلى إنتاج مشروب الـ “بيبسي” الذي لايكاد يخلو منه بيت.
قصة نجاح بيبسي تتعدى نجاح كاليب برادهام، إلى نجاح مؤسسة صمدت –عبر مدرائها المتتابعين- أمام ظروف اقتصادية واجتماعية شرسة، فرضتها الحربان العالميتان الأولى والثانية، فكيف حافظت شركة “بيبسي” على مكانتها ؟
البداية
ولد كاليب برادهام عام 1876، في ولاية نيوبورت الأمريكية، والتحق بجامعة ميرلاند الطبية؛ لرغبته في أن يصبح صيدليًا.
ظروف اقتصادية صعبة
بسبب إفلاس والده وعدم قدرته على تحمل أية نفقات إضافية، لم يستطع “برادهام” استكمال مسيرته العلمية في الجامعة، فترك الدراسة قبل تخرجه، وعكف على التعلم الذاتي للصيدلة، فاكتشف أسرار تركيبات العقاقير بنفسه؛ حتى صار متمكنًا من هذا العلم.
وفي تلك الأثناء، عمل “برادهام” في مجال التدريس في مدرسة “أوكس سميث” بولاية نيوبورت؛ حتى جمع مالًا مكنه من شراء صيدلية، أطلق عليها “بولوك”.
التجربة
كان برادهام دائمًا ما يمزج بعض المركبات والمشروبات؛ للتوصل إلى وصفات علاجية جديدة. وللتفرغ لتلك المهمة، عين “براد” مساعدًا له في الصيدلية.
وذات مرة في عام 1898، كان “براد” يحاول في صيدليته إجراء بعض التركيبات لمعالجة سوء الهضم، فإذا به يخلط مستخلص نبتة الكولا، مع الفانيليا، وبعض المواد الأخرى المعالجة لعسر الهضم؛ لينتج شرابًا مميزًا وطيب المذاق.
شراب الـ”بيبسي كولا”
كان “برادهام” واثقًا في أنَّ هذا الشراب سينال إعجاب الكثيرين؛ ما دفعه لتسمية مشروبه “بيبسي كولا”، نسبةً إلى إنزيم البيبسين؛ المسؤول عن الهضم، آخذًا في الترويج له عبر غرفة خلفية للصيدلية
وفي غضون وقت قصير، نال المشروب إعجاب عشرات، ثم مئات الزوار؛ ما دفع “براد هام” عام 1903 إلى تسجيل شركة “بيبسي كولا” كماركة مسجلة.
شركة بيبسي
في البداية، كان الملحق الصغير الذي مد “براد” به صيدليته، مقرًا لشركة بيبسي، لكنَّ زيادة الطلب على المشروب، أدت إلى افتتاح 15 فرعًا للشركة، بحلول عام 1905.
حقوق الامتياز التجاري
بدأ “براد هام” يبيع حقوق امتياز لتعبئة مشروب البيبسي في العلب المعدنية والزجاجات.وفي عام 1905، باع “براد هام” عدد 2 فرنشايز، ثم وصل العدد إلى 15 في العام التالي، ثم 40 في عام 1907، وبحلول عام 1911 أصبح لدى بيبسي كولا فروعًا في 24 ولاية؛ لترتفع المبيعات إلى100 ألف جالون من الشراب في السنة.
معوقات
17 عامًا من النجاح والتحليق عاليًا لاسم شركة “بيبسي” وسمعة “برادهام”، داهمها شبح الحرب العالمية الأولى؛ فسرعان ما ارتفع سعر السكر بصورة غير مسبوقة؛ ليتعثر إنتاج بيبسي.صمد “براد هام” لمدة ثلاث سنوات، لكنه تعرض لخسارة فادحة، إثر تخزينه كميات ضخمة من السكر؛ ليفاجأ بعدها بهبوط سعره في السوق بشكل كبير؛ ما جعله يعلن إفلاسه، تلاه إغلاق شركة “بيبسي” فروعها، عدا فرعين فقط، ثم اضطر “براد” لعرض شركته للبيع، وتعاقب بعده 4 مالكين، لكنهم لم يتمكنوا من استعادة نجاح الشركة.
صفعة أخرى
صفعة جديدة كانت بانتظار شركة “بيبسي”، وهي اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1945 ؛ لتقضي على آخر ما تبقى من نجاحاتها.
صعود جديد
بعدما وصلت الشركة لقمة فشلها، تولى تشارلز غوث؛ أحد مصنعي الشوكولاته الناجحين في ذلك الوقت، إدارة شركة بيبسي، مبتكرًا أفكارًا تسويقية جديدة؛ لجذب الزبائن من جديد.
اعتمد غوث على حملات إعلانية جديدة، وشعارات رنانة، فضلًا عن مضاعفة حجم مشروب البيبسي، مع عدم زيادة سعره؛ ما أدى إلى استعادة الشركة حجمها في السوق مجددًا.
ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن، تشهد شركة بيبسي رحلة لا متناهية من التطور، والاستحواذ، والمنافسة، والأهم من ذلك نيل ثقة ورضا عملائها.
وتمتلك شركة “بيبسي” حاليًا، مطاعم: بيتزا هت، وكنتاكي، وفرايد تشيكن،وتاكو بل، ومشروبات ميرندا، وسفن أب، ويعمل لديها نحو نصف مليون موظف، بحجم مبيعات يصل إلى 13 مليار دولار.
الدروس المستفادة
- التجربة: يخشى كثير من الشباب خوض غمار التجربة، خشية الفشل، لكنَّ “برادهام” أثبت أن للتجربة احتمالات أخرى، تكمن في الإبداع، والنجاح، والثراء.
- إدارة الأزمات والخطط البديلة: حينما ارتفع سعر السكر في السوق إبان الحرب العالمية الأولى، جرَّب المالك تغيير بعض العناصر بهدف خفض النفقات من جهة، وضمان عدم الإخلال بالمذاق المميز للـ “بيبسي” من جهة أخرى، هكذا نتعلم أنَّ هناك دائمًا حلولًا.
- توخي الحذر: لا يوجد ضمان لاستمرار مسيرة النجاح لأي مشروع كان، ففي عالم المال والأعمال، تتعرض كبرى الشركات لهزات صاخبة تقتلع جذور توازنها. ومن يدقق النظر في بدايات قصة نجاح “بيبسي” لم يكن ليتوقع اندلاع حربين عالميتين عرَّضتا الشركة لخسارة فادحة، بعدما دام ازدهارها سنوات.
- عدم اليأس من الفشل و لكن نتخده وسيله لبدايه نجاح جديد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق